الخميس، 22 سبتمبر 2011

مهرجان الروائح -في شوارع القاهرة-




من أكثر الأمور التي أحبها في بلدنا هذه أجواؤها المعبأة بشتى أنواع الروائح و العطور ، فتارة تشم رائحة الفُل وحمص الشام على "كورنيش النيل" ، وتارة تشم رائحة "الفول والطعمية" عند عربة "عم يوسف بتاع الفول" – والذي ستجده حتما في العديد من مناطق وحارات مصر على اختلاف زيه وشكل عربته التي قد تبدو أحيانا في صورة مطعم خمس نجوم ! - ، وقد يجود عليك الزمان باستنشاق عطر آسر يفوح من "واحد ابن ناس" يسير بجوار خطيبته عند تجولك في أحد "مولات" مدينة نصر ..
ولابد أنك قد استنشقت رائحة وقود السيارات التي لن تتأذى فقط بشم رائحته الكريهة وإنما سترى الرائحة بأم عينك ! .. نعم سترى الرائحة في صورة دخان أسود قد يترك أثرا على وجهك وملابسك إن اضطررت يوما إلى ركوب المواصلات أثناء ساعات الذروة التي قد تصل إلى 24 ساعة يوميا ! .. هل رأيت إثارة للحواس أقوى من هذه !؟ ، وخاصة لو حدثتك نفسك باللحاق بإحدى "الأتوبيسات" التي تختنق براكبيها لكي تصل لوجهتك باكرا .. فعندها ستضطر لشم كافة أنواع العطور الباريسية التي يستخدمها الركاب المتشبثين بباب "الأتوبيس" ! .. ولا تحاول أبدا تحت أي ظرف أن تمر من تحت أي "كوبري" حتى لا تلوث ذاكرتك الشمية بما لا يحمد عقباه !
فضلاً عن الروائح التي تفوح من محلات "العطارة" و"الرنجة والفسيخ" ومقاهي الحسين التي ستغرقك في رائحة المعسل ودخان السجائر وأحيانا البخور ! .
ولابد أن تكون مستعدا لرائحة "الغسيل المزهزه" الذي قد تتقاطر مياهه "النظيفة" على رأسك عند مرورك تحت "بلوكونة أم حسين" ! و قد يتصادف مرورك ذاك اليوم مع إعداد جارتها " الست عفاف" ملوخية بالأرانب والتي تضفي على الشارع عبير "طشة التوم" الساحر !
وبالطبع إذا دخلت "السوق" في إحدى المناطق الشعبية فحدث ولا حرج .. فقد يصاب أنفك بحساسية مفرطة من زخم الروائح التي قد تشمها في الدقيقة الواحدة ! ما بين رائحة "السمك الطازج" و"محلات الدجاج" التي قد تصيبك رائحتها بالغثيان .. والنعناع الأخضر ذو العبير الأخاذ .. وعطر "الشمام" عند "لمعي الفكهاني" ..
وللأسف قد تتأذى من رائحة الأحذية التي قد تتعثر بها عند دخولك أحد المساجد .. وحتما ستظل هذه الرائحة مرافقة لمستقبلات أنفك الحسية وأنت داخل المسجد بعد أن حملها المصلون معهم إلى الداخل بجواربهم .. إلا أنك عند خروجك قد تنسى هذه الرائحة تماما عندما يضع "الحاج محمد" على يديك بعضا من زيت المسك ليعطر يديك عند خروجك ويسألك أن تدعو له بالشفاء ..
أياً كانت هذه الروائح وأيا كانت مصادرها وخلفياتها .. إلا أنها ستربطك حتما بكل الأماكن التي تمر بها بفيض من المشاعر والروابط الذهنية التي تنعش الذاكرة ، وتؤجج في العقل والقلب والروح تعلقاً لا شعوريا بكل ما في هذا البلد .. بحلوه .. ومره ! !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق