الأحد، 18 سبتمبر 2011

ولادة فرح !




لم أكن أظن أنني سأكون بهذا التماسك في المرة الأولى التي أشهد فيها عملية ولادة قيصرية ، في بادئ الأمر حين وافق الطبيب المسؤول على حضوري العملية شعرت بركبتي ترتجف وبدأ قلبي بالخفقان بسرعة لا متناهية ، وبدأت أتخيل كيف سيكون مظهري إذا ما أصبت بإغماءة داخل غرفة العمليات .. فأخرج حينها على نقالة وسط استهزاء الأطباء والممرضات من "شجيعة السيما اللي في رابعة طب" !

إلا أنني بمجرد أن توكلت على الله ودخلت مسرح الأحداث حتى انبهرت بالحركة الدائبة لطاقم العمل كما لو أنهم في خلية نحل ، فطبيب التخدير يراقب مؤشرات الأم الحيوية بعناية، والممرضات يحضرن أدوات الجراحة والركن الخاص بتجهيز المولود.

وما أن حانت ساعة البدأ حتى أخذ الطبيب في شق بطن الأم طبقة تلو الأخرى بمهارة فائقة ، وإذا بي تعلو وجهي ابتسامة ظلت ترافقني حتى نهاية العملية .. فأخيراً وبعد طول انتظار بدأت أرى بأم عيني ما تعلمته في الكتب عن طبقات البطن وكيف هو الجسم من الداخل وكيف يبدو الرحم ! وما أن اخترق المشرط جدار الرحم حتى اندفع "السائل الأمنيوسي" بكثافة وظهرت رأس الطفلة "فرح" ليتم إخراجها بعد ذلك ، وتبدأ بعدها سلسلة من الخطوات المتتابعة لإعدادها لبدأ رحلة الحياة .. ابتداءً من قص الحبل السري وتنظيفها من السوائل التي تغلفها ، مروراً بالضرب بخفة على ظهرها لمساعدتها على السعال وشفط السوائل العالقة بمجراها التنفسي ، وإذا بها تبدأ في البكاء بكل ما أوتيت من قوة واهنة ، لتعلن للوجود بأكمله عن وصولها بأكثر صوت قريب إلى العمق البشري .. صوت البكاء !

وصرت في حيرة من أمري بين مراقبة الطبيب وهو يضع اللمسات الأخيرة على جرح الأم الذي يقوم بتقطيبه وما بين تأمل عملية تجهيز العروس "فرح" .. التي ما إن ارتدت ملابسها الجديدة حتى حملتها وخرجت بها من غرفة العمليات إلى عالمها الجديد ، وبالصورة التي تجمع ما بين بكائها وابتسامتي انتهت تلك اللحظات التي ستظل خالدة في ذهني إلى الأبد !

هناك تعليقان (2):

  1. أسلوبك في الكتابة متميز يا ندى! استمري.. :)

    ردحذف
  2. تسلميلي يا سارة ، منورة المدونة :)

    ردحذف